twt test

موقع التربية والتعليم

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قراءة في قرارات وزارة التربية الوطنية – الحلقة 2-



على الرغم من المجهودات التي بذلت في مجال الزمن المدرسي فإننا لازلنا بعيدين  كل البعد على إنصاف المتعلمين من الاستفادة من الزمن الذي ينبغي أن يخصص لهم،و لن أكون مبالغا إذا قلت أن جل القرارات المتعلقة  بالزمن المدرسي تمت خارج المنهاج الدراسي عن طريق  إصدار مذكرات ومقررات وزارية، دون استحضاره كمكون من مكونات المنهاج،وأن جلها لم يتجاوز عتبة التحكم في أوقات الدخول والخروج ، معتنية بزمن التعليم دون زمن التعلم ، وإذا استثنينا المشروع الطموح  E1P12   الذي أخذ على عاتقه موضوع تأمين الزمن المدرسي محاولا التصدي  الى مجموعة من الظواهر السلبية التي تسهم في هدر الزمن المدرسي،مركزا في ذلك على البعد التنظيمي التشريعي  ، وقابلا للتطوير قصد فتح المجال للمعالجة البيداغوجية والتربوية ،على الرغم من النواقص التي عرفها ،فإن  أملنا كان كبيرا أن تستغل الوزارات المتعاقبة  كل التراكمات في هذا المجال إلا أنه وللأسف غالبا  ما يتم إقبار كل الاجتهادات والشروع في بلورة تصور جديد .
عرفت المدرسة الابتدائية جملة من الصيغ لجداول الحصص ، تؤطرها خلفيات نظرية سيكولوجية ، وتربوية ، واجتماعية ، وهنا نستحضر التوقيت العادي ، وتوقيت التناوب في الوسطين معا الحضري والقروي ، مع إمكانية توظيف التوقيت الشتوي حسب البنيات التحتية للمؤسسات التربوية ، إلى حدود إصلاح 1981 المندرج في إطار التقويم الهيكلي ، حيث ظهرت صيغ جديدة تتوخى الاستغلال الأمثل للمتوفر من الحجرات الدراسية كالصيغة الأولي والصيغة الثانية ، وفي سنة 2008 صدرت مذكرة  رقم 08/ 12 خاصة بتكييف الزمن المدرسي في الوسط القروي حسب الخصوصيات الطبيعية والمناخية والاجتماعية ، ومنذ صدور هذه المذكرة تعددت النماذج والصيغ ، وكثرت الاجتهادات ، وتدخلت المصلحة الذاتية  في عدد من الصيغ والنماذج ، وازداد موضوع تدبير الزمن المدرسي صعوبة وتعقيدا ، حين انتشر التوقيت المكيف داخل المجال الحضري ، وأصبحت الإدارة عاجزة على اتخاذ القرار الملائم لإنصاف المتعلمين .ومما زاد الطين بلة إصدار المذكرة 122 ، وكل المتتبعين بتذكرون ما خلفته من ردود أفعال من طرف جل الفاعلين .
   وفي هذا السياق شرعت وزارة التربية الوطنية الحالية تبحث عن معالجة ملف الزمن المدرسي ، ولا ننكر أن السيد وزير التربية الوطنية قد حدد بدقة المشكل القائم – بأسلوبه الخاص – في مناسبات عدة حيث عبر عن رفضه التام بأن تفتح المدرسة أبوابها للفترة الصباحية  فقط ، ويبقى أبناء المغاربة – كما قال –  في الشارع ما تبقى من النهار ، كما عمل جاهدا على إرجاع سلطة الزمن المدرسي إلى الإدارة ، ولكن السؤال المطروح هو كيف تمت صناعة القرار من أجل التصدي لمشكل الزمن المدرسي كما حدده  السيد الوزير ؟ .
  اعتقدنا أن الوزارة بعد وضع أصبعها على مكمن الداء كأول خطوة من صناعة القرار، وبعد الانتقادات التي وجهت لها في طريقة توقيف بيداغوجيا الإدماج ، ستعدل من منهجيتها بالحفاظ على التراكمات ، واشراك واستشارة الفاعلين التربويين ، ولكن للأسف اختارت نفس النهج القائم على الانفراد وتركيز القرارات ، فبادرت إلى إصدار مراسلتين في الموضوع :
·        الأولى في الموسم الدراسي 2011/ 2012، احتفظت الوزارة فيها على جل المحددات المبثوثة في المذكرة 122 من مرونة ومراعاة لاستعدادات المتعلمين الجسمية والذهنية ، وتكييف حسب الخصوصيات الطبيعية والمناخية ، وما جد فيها هو منح  السادة مديري المؤسسات وأساتذة التعليم الابتدائي حرية اقتراح استعمالات الزمن وفق ما سبق من محددات ، وقد وصف المهتمون بالشأن التربوي هذا القرار بعدم الجدية لما ينتج عنه من تسيب مضاعف ، كما اعتبرها ذووا الاختصاص تنصلا  للوزارة كسلطة وصية على القطاع  من مسؤوليتها في تدبير الزمن المدرسي وتأمينه إنصافا للمتعلمين .
·        المراسلة الثانية كانت كسابقتها مفاجئة للجميع ، والأمر يتعلق بالمراسلةعدد 2*2156 الصادرة  بتاريخ 4 شتنبر 2012، تحث على  تطبيق نموذج جديد ، أطلقت عليه الوزارة اسم التوقيت اليومي بالتعليم الابتدائي بالوسط الحضري ، مستثنية الوسط القروي بناء على الظروف المناخية والجغرافية للمؤسسة التعليمية ،
  ومن الثوابت في هذا القرار استمرار أسلوب الإقصاء والمنهج الانفرادي ، و التخلي عن مكتسبات سابقة عمل المغرب لسنوات لتحقيقها في بعض المؤسسات، كغلق حجرات للتعليم الأولي ، وقاعات جيني … لتوفير العدد الكافي من الحجرات لتطبيق توقيت السيد الوزير. وسأقف عند بعض الملاحظات  المتعلقة بهذا التوقيت كالآتي :

على مستوى الاستثمار:


أفاد تقرير صادر عن المفتشية العامة أن نسبة تطبيق توقيت الوزير لا تتعدى 46%من مؤسسات الجهة الشرقية باستعمال حجرات التعليم الأولي وعدد كبير من قاعات جيني وإصلاح بعض الحجرات ، فإذا علمنا أن عدد مؤسسات التعليم الابتدائي بالجهة الشرقية  يفوق 500 مؤسسة (532 برسم إحصاء 2012-2013)، فإن عدد المؤسسات التي ستحتاج لحجرات يفوق 270 مؤسسة. وإذا اعتبرنا أن كل مؤسسة ستحتاج فقط لحجرة إضافية  واحدة، فهذا يعني أكثر من 270 حجرة دراسية، وهو ما سيكلف أكثر من 54 مليون درهم (270 X 200 000,00 = 54 000 000,00). ناهيك عن المبلغ التي تحتاجه الجهة لتعويض أكثر من 1000 حجرة من المفكك.
 وحتى إن تسنى إمكانية هذا الاستثمار، فلكم من السنوات؟ مع ما تعرفه المؤسسات التعليمية من عدم استقرار البنية التربوية. فأين دراسة الجدوى بمنطق الاقتصاد؟

على المستوى التربوي:

·        عدم التوازن بين الفترتين الصباحية والمسائية في ضل مقرراتنا وما تحتويه من مضامين. فهذا النوع من جداول الحصص يتطلب برمجة المواد الدراسية في الصباح، وبرمجة أنشطة في المساء، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه مع مكوناتنا المادية والتربوية والبشرية.
·        الفترة الصباحية ضمت أربع ساعات عمل تتخللها 10 دقائق استراحة طيلة أيام العمل في الأسبوع (من الاثنين إلى الجمعة) ، وعلى الأكثر 20 دقيقة إذا حذفت من الحصة المسائية نهائيا. وهي مدة قصيرة بالمقارنة مع احتياجات أطفال المستوى الابتدائي، خاصة الصغار.
·        برمجة انطلاق الحصة المسائية تبدأ على الساعة الثانية بعد الزوار إلى الرابعة والنصف، يتنافى ونتائج الدراسات والأبحاث حول الإيقاعات البيولوجية، التي تؤكد على أن الفترة ما بين الثانية عشرة والثانية والنصف فترة فتور في التركيز. الذي يبدأ في الصعود ليبلغ دورته في الرابعة والنصف. هذا دون الحديث عن الفترة التي تضاف إليها الساعة الصيفية فيصبح التوقيت بين الواحدة والثالثة والنصف. كان بالأحرى اختيار الثانية والنصف إلى الخامسة.
·        برمجة أربع ساعات طرح مشكل اختيارات بيداغوجية وتربوية للمفتشين، فأي اختيار لتوزيع الحصص، خاصة لدى الأفواج ؟ توزيع المواد على أساس أن التلميذ يدرس في الصباح عند أستاذ اللغة العربية أو الفرنسية، وفي المساء عند الآخر؛ أو توزيع الحصة الصباحية بين الأستاذين ؟ بالنسبة للاختيار الأول سيطرح مشكل التسلسل البيداغوجي للمواد التي يجب أن تسبق بعضها البعض الآخر، على الأقل ليوم واحد. بالنسبة للاختيار الثاني سيطلب من التلميذ التوفر على كتب المادتين معا، مما سيجعله يتحمل عناء حمل محفظة مملوءة طيلة الأسبوع.
·        خروج التلاميذ في نفس الوقت إلى الاستراحة، مع ما تعانيه أغلب مؤسساتنا من نقص في المرافق الصحية وحنفيات شرب الماء وضيق في الساحات، يخلق تسارعا وهرولة لدى الجميع و ازدحاما نظرا لقلة المدة الزمنية للاستراحة. مما سبب ارتفاع في الحوادث المدرسية. ولنتصور مؤسسة لديها فقط 300 تلميذ كلها في الاستراحة لمدى 10 دقائق.

على المستوى الاجتماعي :

·        تطبيق التوقيت زاد من ارتفاع حركية المرور في أوقات الذروة خاصة في الصباح (الثامنة صباح – الثانية عشرة)، مع ما يرتبط من ذلك من مشاكل.
·        الاشتغال طيلة الأسبوع من الاثنين إلى الجمعة بهذا التوقيت جعل الأساتذة يضطرون لطلب رخص للغياب لقضاء بعض الأمور الإدارية المرتبطة بهم.
وبناء على هذه الملاحظات فإن هذا التوقيت لا يمثل في نظر المهتمين بالشأن التربوي  الحل الأمثل والبديل القمين بمعالجة الزمن المدرسي ، وما زاده من مشاكل بيداغوجية كالاكتظاظ ، والاستغناء عن التعليم الأولي ، وبعض القاعات المتعددة الوسائط ، هو نتيجة حتمية لعدم احترام الخطوات المنهجية في صناعة القرار ، واعتماد أسلوب المراسلات والتوجيهات الفوقية دون الإنصات إلى الميدان وهمومه ومشاكله ، فإلى متى ستظل الوزارة الوصية على القطاع تسير على نهجها هذا ؟.
اقويدر ختيري

عن الكاتب

الإدارة التربوية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

twt test