twt test

موقع التربية والتعليم

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

نظرة تاملية حول مشروع جيني مقتطف من كتاب اليكتروني للاستاذ عبدالرزاق المحسيني تحت عنوان رحلتي مع مشروع جيني الرحلة الأولى


Abderrazzak Elmouhssini



 عندما نريد القيام بتقييم لمشروع تربوي ما تقييما علميا ومنهجيا وموضوعيا لمعرفة مدى نجاحه أو فشله، فغالبا ما نقوم بوضع مقارنة بين أهداف هذا المشروع وبين محصلته النهائية التي تحققت بعد أجرأته الفعلية وذلك على المستويين الميداني والزمني، إذا ما طبقنا هذه المقاربة على مشروع جيني، سنجد أن هذا الأخير يهدف في شموليته إلى تعميم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الفعل التربوي بين صفوف رجال ونساء التعليم. و لتحقيق ذلك رصدت الدولة ميزانية مالية ضخمة، ووظفت إمكانيات بشرية وتقنية جد مهمة، وذلك من أجل تفعيل مقتضيات هذا المشروع والمتمثلة أساسا في تزويد المؤسسات بالمعدات الرقمية، وتكوين رجال التعليم ونسائه في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ثم تزويد المؤسسات العمومية بالموارد الرقمية. وهي دعامات ديداكتيكية رقمية موجهة لجميع المواد والشعب والمستويات الدراسية المختلفة. لكن عند دراسة تأثير هذه المقتضيات على الواقع التربوي نجد الأمر صادما : فالقاعات المتعددة الوسائط مغلقة، وحواسيبها دخلها الصدأ كما أصبحت خارج الخدمة، والموارد الرقمية التي صرفت أموال كبيرة لاقتنائها مركونة في رفوف مكاتب السادة المديرين، وللأسف قلة قليلة من الأساتذة هم الذين يوظفون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الممارسة الصفية، مع العلم أن أغلبهم لم يستفيدوا في الواقع من تكوينات مشروع جيني، بل اعتمدوا على مجهوداتهم وإمكانياتهم الشخصية والذاتية ليتمكنوا من التوظيف الأمثل لهذه التكنولوجيا في أقسامهم. طبعا هذه مفارقات عجيبة وتناقضات صارخة تحتاج لنوع من التأمل لتدارك ما يمكن تداركه تفاديا لضياع أموال الشعب في ما لا يعود بالنفع عليه لا من قريب ولا من بعيد. إن مشروع جيني حسب تقديري ورأيي المتواضع مشروع طموح وهو في جوهره ليس بمشروع فاشل كما يردد البعض. والحقيقة هي أن هناك أمورا جد مهمة تحققت كما ذكرت سابقا فالعديد من المؤسسات التعليمية تتوفر على قاعة متعددة الوسائط وبعضها توصل بالسبورات التفاعلية، وهناك عدة رقمية على مستوى عال تم اقتنائها من طرف شركات دولية رائدة في مجال الإنتاج الرقمي التربوي. والمناقصات لاختيار الشركات التي كلفت بإنتاج هذه الموارد تميزت بالشفافية والدقة في الاختيار، كما أن هناك العديد من الأساتذة استفادوا من تكوينات جيدة خاصة في المرحلة الاولى من انطلاق المشروع، وبعض المؤسسات أضحت مرتبطة بالشبكة العنكبوتية. علاوة على أن نوايا المسؤولين المركزيين على مشروع جيني حسنة. لكن الإشكال الذي يبقي دوما مطروحا هو أين يوجد الخلل في مشروع جيني ؟ و كيف ندفع بالأساتذة والأستاذات إلى توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الممارسات التربوية ؟ إن الحلقة المفقودة في مشروع جيني تعود بالأساس إلى نقط ضعف شابت عملية التكوينات وذلك على المستوى الجهوي وليس على المستوى المركزي، وبالخصوص في بعض الاكاديميات وليس جلها، لأن بعض الأكاديميات استطاعت أن تحقق نتائج إيجابية وملموسة، كأكاديمية مكناس – تافلالت على سبيل المثال. إن هذه التكوينات التي استفاد منها رجال ونساء التعليم بمختلف الأسلاك التعليمية لم تواكب المشروع مواكبة علمية وعملية كما خططت له مركزية مشروع جيني. والسبب في ذلك هو أن مصوغات التكوين على المستوى الجهوي ركزت بالخصوص على الجانب التقني وأهملت الجانبين الديداكتيكي والابستمولوجي للمواد الدراسية، وقد تم تنبيه المسؤولين لهذا الأمر الغير مقبول حسب تقديري المتواضع مرارا وتكرارا وذلك في عدة مناسبات، فلم أجد للأسف آذانا صاغية. الغريب في الأمر هو أن هذه التكوينات تعاملت مع الأساتذة كأنهم كثلة واحدة ينتمون لنفس المادة ونفس الشعبة ونفس المستوى الدراسي، والحقيقة هي إن لكل مادة خصوصياتها ومناهجها وابستمولوجياتها، واحتياجاتها لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات طبعا تختلف من مادة لأخرى ومن مستوى دراسي لآخر. فتجد التكوينات تضم في نفس الوقت أساتذة من التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي التأهيلي، وأحيانا تجد مزيجا من مواد مختلفة فعلى سبيل المثال تجد أساتذة مادة الفيزياء يخضعون لتكوين مع أساتذة مادة الفلسفة، واساتذة مادة الاجتماعيات يجلسون جنبا إلى جنب إلى أساتذة الإنجليزية. لهذا نجد أن هذه التكوينات غرقت بشكل عشوائي في الجانب التقني وكأن الهدف من التكوينات هو إنتاج أساتذة في مادة المعلوميات. وبالتالي كان التعامل معها تعاملا فوقيا في الوقت الذي كان يجب ان يكون التعاون تعاملا يطبعه طابع الخصوصية، كما أن بعض التكوينات كان يؤطرها أساتذة ينتمون لمواد دراسية لا يدرسونها فتجد أستاذ الإعلاميات يؤطر أساتذة مادة الاجتماعيات. وعندما يسأل هذا المؤطر ما القيمة المضافة التي يمكن أن تضيفها هذه التكنولوجيا (تيك) لمادة الاجتماعيات يبقى هذا الاخير عاجزا عن إيجاد الجواب الشافي الذي يلبي طموحات واحتياجات أساتذة مادة الاجتماعيات طبعا هذا الاخير معذور ففاقد الشيء لا يعطيه، والغريب هو حدوث مثل هذه الأمور الشاذة في الوقت الذي يوجد فيه أساتذة على مستوى عال من المعرفة المعلوماتية ينتمون لمواد دراسية مختلفة كان بالإمكان الاستفادة من تجربتهم في مجال التكوينات. فالمرجو من المسؤولين المركزيين على مشروع جيني أن يقوموا بتشكيل مجموعة لجن تقنية جهوية تكلف بتهيئة مصوغات للتكوين حسب كل مادة وحسب كل سلك دراسي وتحت إشراف السادة المفتشين مع الاستعانة بخبرة بعض الاساتذة التكنوبيداغوجيين في هذا المجال. كما أن عملية التكوين يجب أن تسند لأطر يدرسون نفس مادة المستفيدين من التكوينات فلا يعقل ان يسند تكوين ما لأستاذ يدرس مادة أخرى. علاوة على أن اختيار هؤلاء المكونين يجب أن تخضع لشروط موضوعية مضبوطة يتم تحديدها مسبقا من طرف مركزية جيني ويجب ان تشرف هذه المركزية نفسها على عملية الاختيار حتى لا نسقط مرة اخرى -كما حدث على المستوى الجهوي- في منطق الزبونية والمحسوبية التي تعد سببا من أسباب فشل العديد من المشاريع التربوية التجديدية في المغرب بما فيها مشروع جيني الذي يعول عليه كثيرا في تطوير المنظومة التربوية بالمغرب. لكن برغم ذلك فالأمل معقود على الجهات المسؤولة عن هذا المشروع لتدارك هذه الاخطاء مستقبلا لتمضي بتعليمنا قدما نحو الازدهار والتقدم.

عن الكاتب

الإدارة التربوية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

twt test