إن المتتبع للشأن التربوي ،لا يكاد يهدأ له بال أو يغفو له جفن،و هو يتحصر على الواقع المرير الذي آلت إليه المنظومة التربوية،فسوء التسيير و التدبير منتشر انتشار الورم الخبيث في جسم المريض و هذا مسلم به. إلا أنه في الآونة الأخيرة طفحت معضلة كبيرة،أصبحت تؤرق الأساتذة ألا وهي أزمة التفتيش،وتتجلى إما في عدم زيارة المفتش لسنوات و إما توجسا من دخول الأستاذ في صراع بينهما.
إن الدور المنوط بهيئة التفتيش يجعلها لبنة أساسية في أي إصلاح منشود لكن ما نلاحظه اليوم في منظومتنا التربوية هو غياب شبه كلي لدور هذه الهيئة إن على مستوى التأطير الميداني من خلال الزيارات الصفية أو اللقاءات التربوية التي غابت عن الساحة التربوية(عدم التعويض)
ونسوق نيابة تاوريرت كنموذج من هذا الوضع المزري :
في لقاء دراسي يومه الخميس 26 مارس 2014 أُ‘عطيت حصيلة منجزات هيئة التفتيش،فالمفتشون بجميع أسلاك التعليم،أنجزوا 367 زيارة في حين أن مجموع الأساتذة يتجاوز 1167 أستاذا و أستاذة.
فجل الأساتذة و منهم الجدد يعلمون علم اليقين أن هناك مفتشين أكفاء على قدر كبير من المهنية والمعرفة البيداغوجية و الديداكتيكية،فإن زاروك أفادوك بكل جديد،وإن استفسرتهم أجابوك ورووا ظمأك وأقنعوك،و هناك مفتشون لا تربطهم بميدان التربية و التعليم إلآ صفتهم،بعيدين كل البعد عن كل جديد،مرابضين في المقاهي،لا يظاهيهم أحد في حل الكلمات المسهمة، ينتظرون موسم الحصاد (صدور المذكرة المحددة لآجال إنجاز التقارير)،فيطوفون المدارس طولا و عرضا،في جولات مكوكية وبوليسية،كما فعل البعض منهم،حيث زاروا عددا كبيرا من الأساتذة في يوم واحد،خصص لكل أستاذ على أقصى تقدير 10 دقائق وهي أول مرة يتشرفون بإطلالاتهم منذ سنين عدة.....
وبعد ذلك تفاجأ البعض منهم إما بتجميد نقطة ترقيتهم أو قهقرتها بداعي عدم وجود جذاذات مكتوبة،بدلا من مطبوعة، أو على الحاسوب ،حيث تناسوا أننا في زمن تكنولوجيا الإعلام و التواصل،و أن الوزارة الوصية على القطاع حريصة كل الحرص على إدماجها في التعليم.
ولنسلم جدلا،أن الأساتذة المتضررين ينقصهم التحضير القبلي و الممارسة المهنية،فأين سيادتكم من تتبعهم و تأطيرهم بشكل مستمر و دوري،فحسب علمنا هناك أساتذة لم يتوصلوا بعد باستعمالات الزمن ونحن على مشارف نهاية الموسم الدراسي،أضف إلى ذلك أنهم يدرسون أقساما متعددة المستويات تصل في بعض المؤسسات إلى (1و2و3و4و5و6), ألا يستوجب هذا الوضع تدخلا من سيادتكم للحد من هذه الظاهرة التي تضرب في مقتل مفهوم الجودة الذي تتبجحون كل يوم أنكم تسعون لتحقيقها.
"كفاني منك يكفوني... و الآن يمد أبو حذيفة رجله"
هذا غيث من فيض،و ما خفي كان أعظم،فمهمة المفتش لا تقتصر على منح نقطة للترقية،فهي أداة لرصد أخطاء المدرسين و تقويمها،وتقديم كل أشكال المساعدة في الجانب النظري و العملي و إمدادهم بكل جديد في الساحة التربوية و التعليمية...
فهذا دوركم في الإصلاح المنشود و مهمتكم المسطرة،فلا تحيدوا عنها...